loading ..loading
العلاقات السعودية الأمريكية.. ما الذي تغير بعد مرور 50 عاما؟

العلاقات السعودية الأمريكية.. ما الذي تغير بعد مرور 50 عاما؟

بقلم: محمد عبدالقادر الجاسم
تحظى العلاقات السعودية الامريكية بأهميةمميزة ضمن علاقات الولايات المتحدة في الشرق الاوسط. ولعدة عقود كانت السعودية نقطة ارتكاز في السياسات الامريكية.
واذا كانت العلاقات السياسية بين البلدين قد بدأت في الثلاثينيات اثر الحاح شركات النفط الامريكية، فإن تلك العلاقات تعززت بمرور الوقت لا سيما في فترة الرئيس الامريكي دوايت ايزنهاور في الخمسينيات. ومنذ تلك الفترة وحتى وقوع احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 حافظت الشراكة السعودية الامريكية على صلابتها وقد اجتازت اختبارات عديدة غير انه بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر بدا واضحا ان تلك الشراكة بدأت تنفك تدريجيا، وفي تقديري ان الامر لايعود الى مشاركة عدد من السعوديين في تنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وانما له صلة مباشرة بالتغيرات الدولية السابقة على تلك الاحداث واللاحقة لها.
وفي هذه الدراسة الموجزة اتناول تاريخ العلاقات السعودية الامريكية بشكل عام موضحا تصاعد الاهمية الاستراتيجية للسعودية وهبوطها والعوامل التي دعت الى هذا وذاك.
ولقد اعتمدت في اعداد هذه الدراسة على بعض الوثائق الخاصة بوزارة الخارجية الامريكية.


في يناير عام 1956 كتب رئيس الوزراء البريطاني انتوني ايدن رسالة إلى الرئيس الأمريكي دوايت ايزنهاور يشتكي فيها من «الدور السعودي» في الشرق الأوسط.
وقال ايدن في رسالته: «اعتقد انه من الواجب ان اتخاطب معك حول الوضع في الشرق الاوسط والذي يتطور بسرعة». وتحدث ايدن عن «الأموال السعودية» قائلا ان تلك الأموال «تدعم صحفا في سوريا والأردن ولبنان» وان بعض تلك الصحف «يسارية بشدة وشيوعية او قريبة من الشيوعية» ثم أشار ايدن الى جهود سعودية مصرية سورية لفك ارتباط الأردن ببريطانيا من خلال تقديم دعم مالي بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي. وختم ايدن رسالته بتحذير ايزنهاور من مغبة وقوع الشرق الأوسط برمته في احضان الشيوعية، وشدد على ضرورة منع ذلك من خلال دعم «الأصدقاء» في الأردن والعراق، وعلى أهمية «ايجاد ضوابط لاستخدام الأموال السعودية، ومنع السعوديين من اللعب على الورقة الروسية»، مضيفا انه «اذا استمر السعوديون بصرف أموالهم والتصرف على هذا النحو، فلن يبقى شيء لغير الدب» ويعني الاتحاد السوفياتي.
وردا على رسالة ايدن تم اعداد خطاب من ايزنهاور تشير مسودته الى «ادراك الولايات المتحدة للمشكلة» وانه «من الحيوي تقوية النفوذ الغربي في السعودية اذا كنا نريد النجاح في اقناع السعوديين باستخدام اموالهم لاغراض افضل»، غير ان الخطاب لم يرسل.
كانت بريطانيا في ذلك الوقت تواجه مشاكل عديدة في الشرق الاوسط قبل رحيلها عن المنطقة كما كانت خلافاتها مع السعودية تتصاعد بسبب مشكلة واحة البريمي لذلك فقد سعت بريطانيا الى محاولة تحجيم الدور السعودي المناهض لها ولمصالحها، فيما كانت الولايات المتحدة تسعى لتثبيت أقدامها في الشرق الاوسط عبر بوابة السعودية، حيث كانت العلاقة السعودية الأمريكية تتعزز منذ بدأت ايام الملك عبدالعزيز. وفيما تحاول بريطانيا اقناع الولايات المتحدة بأهمية «اتباع سياسة متشددة» تجاه المملكة فانها كانت تصف النظام السعودي بانه «فاسد ومتخلف ومعاد للغرب» كما جاء على لسان الدبلوماسي البريطاني شكبروه اثناء مباحثات له مع مسؤولين في الخارجية الأمريكية قبيل زيارة رئيس الوزراء البريطاني إيدن إلى الولايات المتحدة بداية عام .1956 غير ان الولايات المتحدة لم تكن ترى ضرورة للمنهج المتشدد حيال السعودية، وقد عبر عن ذلك الرأي مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى حيث أورد في مذكرة مؤرخة 17/1/1956 «ان البريطانيين غير قادرين على استيعاب ان وضعهم في الخليج يتضمن صيغة امبريالية، وهم يكررون القول ان نصائحهم ودعمهم لشيوخ الخليج وسلطان مسقط مرغوب فيه من قبل هؤلاء» وذكر انه أوضح للدبلوماسي البريطاني «ان القوميين العرب يعتبرون الوجود البريطاني في الخليج والأردن وجودا امبرياليا» مضيفا «ان علينا ان نواجه حقائق الحياة والاقرار بأننا لسنا في القرن التاسع عشر» موضحا انه لم يكن راغبا في التلميح بان الولايات المتحدة ترغب في مغادرة بريطانيا الخليج اليوم او غدا، «لكن لا جدوى من التظاهر بان الشيوخ الذين يرحبون بالدعم البريطاني ملائكة وان كل من يعارضونه شياطين».
بالطبع لم تأخذ الولايات المتحدة هذا الموقف الذي يبدو الآن «عقلانيا» من باب انصاف السعودية ولا ممارسة لدور الحكيم بقدر ما كانت مصالحها في الخليج ومخاوفها من نجاح الشيوعية في التغلغل في الشرق الأوسط تفرض عليها التقارب مع السعودية، لقد صاغت تلك المصالح والمخاوف المرتبطة بالنفط جانبا مهما من المبادىء الرئيسية التي قامت عليها السياسة الأمريكية في الشرق الاوسط منذ عام 1957 وحتى سقوط الاتحاد السوفياتي عام .1991
كما ان مصالح ومخاوف السعودية ايضا دفعتها الى تعزيز علاقتها بالولايات المتحدة.. لقد كانت السعودية تتنازع مع بريطانيا للسيطرة على واحة البريمي، كما كانت تسعى للحصول على وضع أفضل في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة بشأن قاعدة الظهران، وتريد بالطبع ابعاد شبح الشيوعية عن شبه الجزيرة، كما كانت تحاول منع امتداد القومية العربية، وتريد ايضا تطوير الخدمات الأساسية لمواطنيها وضمان عائد مناسب لبيع النفط.

البداية

لقد بدأت العلاقات السعودية الأمريكية قبل تلك الفترة حين طلبت شركات النفط الأمريكية العاملة في السعودية من واشنطن ممارسة دور أكبر لضمان الأمن والاستقرار السياسي في الخليج وهو ما دفع الرئيس الأمريكي روزفلت عام 1943 الى الاعلان بان الدفاع عن المملكة يمثل مصلحة حيوية للولايات المتحدة ثم قام بارسال اول بعثة عسكرية أمريكية الى السعودية والتقى في عام 1945 بالملك عبدالعزيز على ظهر باخرة في قناة السويس وهو اللقاء الذي «دشن» العلاقات الأمريكية السعودية، ومهما تكن أهمية مرحلة «التأسيس» في تلك العلاقات فإن الاستراتيجية التي اعلنها الرئيس ايزنهاور في يناير من عام 1957 شكلت بداية «الشراكة السياسية» بين السعودية والولايات المتحدة، وهي الشراكة التي يبدو انها بدأت تنفك الآن!
قبيل خروج بريطانيا من الشرق الاوسط، ومع تعاظم المد الشيوعي واكتشاف المزيد من حقول النفط في الخليج، وقيام ثورة يوليو 1952 في مصر وظهور حركة القوميين العرب، كان لزاما على الولايات المتحدة ان تحدد سياستها تجاه الشرق الاوسط، فأصدر الرئيس ايزنهاور في يناير عام 1957 ما عرف بـ Eisenhower Doctrine اي برنامج ايزنهاور وهو يتضمن المبادىء الرئيسية التي تقوم عليها سياسة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، وقال ايزنهاور في وثيقته التي قدمها الى الكونغرس: «ان الشرق الاوسط يمر بمرحلة جديدة حرجة في تاريخه الهام الطويل» ثم تحدث عن الخطر الشيوعي واطماع الاتحاد السوفيتي في الشرق الاوسط، واضاف ان الامم الحرة في الشرق الاوسط تحتاج وتريد قوة مضاعفة لصيانة استقلالها.
وحدد ايزنهاور العناصر الرئيسية التي تقوم عليها وثيقته ومن بينها: مساعدة ومعاونة اي دولة او مجموعة دول في الشرق الاوسط لتطوير الاقتصاد.. اطلاق برامج المساعدات العسكرية.. ارسال قوات امريكية لحماية حدود واستقلال دول الشرق الاوسط التي تطلب المساعدة.
لقد كانت «الحرب ضد الشيوعية وتأمين تدفق النفط» عصب السياسة الامريكية حتى عام .1991
ونظرا لموقع السعودية واهميتها السياسية في الخليج ونظرا لضخامة انتاجها ومخزونها النفطي.. فإنها الشريك الذي لا بد منه.

أهمية استراتيجية

لقد تعاقبت الادارات الامريكية وتولى رئاسة الولايات المتحدة رؤساء من الحزب الجمهوري وآخرون من الحزب الديموقراطي فبعد ايزنهاور الجمهوري جاء كينيدي الديموقراطي ثم جونسون الديموقراطي ثم نيكسون وفورد الجمهوريان، ثم كارتر الديموقراطي ثم ريغان الجمهوري لفترتين ثم بوش الاب وهو جمهوري ايضا ولم تتغير المبادىء الرئيسية للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط واستمرت الشراكة السعودية الامريكية وهي تجتاز اختبارات صعبة اقليمية ودولية مثل حربي 1967 و1973 وتداعياتهما كما تعززت تلك الشراكة في مواجهة مهام وحروب اخرى مثل مواجهة الاحتلال السوفيتي لافغانستان وجهود طرده منها التي استخدم فيها الطرفان اسامة بن لادن، والحرب العراقية الايرانية التي دعم خلالها الطرفان صدام حسين، وحرب تحرير الكويت.. كما واجهت الشراكة السعودية الامريكية كل مراحل القضية الفلسطينية، ورغم تباعد مواقفهما الا ان الانحياز الامريكي لاسرائيل والحماس السعودي للفلسطينيين لم يتسبب في فك الشراكة.
ويعتقد بعض المحللين ان احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ونتائجها هي المسؤولة عن الارتباك الحالي في العلاقات السعودية الامريكية، وان تبعات تلك الاحداث سوف تقود الى اعلان نهاية شراكة سياسية امتدت لما يقارب سبعين عاما. فهل هذا صحيح؟
هل للامر علاقة «بالاموال السعودية» التي اشتكت منها بريطانيا عام 1956 ولم تتجاوب معها الولايات المتحدة؟ ام ان المسألة تعود الى النظام السعودي «الفاسد المتخلف المعادي للغرب» كما كان يصفه الانجليز في الخمسينيات فتحالفت معه الولايات المتحدة؟ وهل المطلوب اتباع سياسة امريكية «متشددة» تجاه السعودية وهو ما طلبته بريطانيا عام 1956 ورفضته الولايات المتحدة من باب «مواجهة حقائق الحياة»؟
ان محاولة الاجابة على تلك الاسئلة مسألة صعبة، غير انه لا بأس من «مواجهة حقائق الحياة» مرة اخرى، فقد تساعد تلك المواجهة على معرفة ما يحصل.

مواجهة الحقائق

كان الرئيس ايزنهاور قد صمم برنامجه لمواجهة الخطر الشيوعي وهو برنامج يعتمد على استباق الاحداث، فلم يكن ايزنهاور يرغب في الانتظار ريثما يبلع الدب الروسي احدى دول الشرق الاوسط كي يتحرك وانما سعى الى تأمين السيطرة الامريكية من خلال ارسال قوات الى الشرق الاوسط واقامة قواعد عسكرية، كما انه اراد عبر برنامجه مساعدة دول في الشرق الاوسط للنهوض اقتصاديا او تقديم مساعدات مالية لها، ولم يتم ربط ايا من ذلك بالاوضاع الداخلية للدولة المتلقية، ولم تكن الولايات المتحدة تكترث بطبيعة الانظمة الحاكمة ديكتاتورية كانت ام ديموقراطية، وبالطبع لم تكن هناك دولة واحدة ديموقراطية!
ان المهم لدى الولايات المتحدة هو تعاون تلك الانظمة معها في مواجهة الشيوعية وتأمين مصالحها النفطية. ولقد كانت السعودية نقطة ارتكاز مهمة في السياسة الامريكية في الشرق الاوسط فهي دولة معادية للاتحاد السوفياتي وغنية بالنفط وتقدم تسهيلات عسكرية للولايات المتحدة.
ولم يتغير الامر كثيرا بعد تولى كنيدي رئاسة الولايات المتحدة عام 1960 فقد عمل هو وجونسون ضمن الاطار نفسه، غير انه في نهاية الستينات وطوال السبعينات كان للاحداث الدولية والاقليمية اثر كبير على سياسة الولايات المتحدة في الخليج، وكانت تلك الاحداث تعزز دور السعودية تارة وتخفضه تارة اخرى.
ففي يناير من عام 1968 اعلن رئيس الوزراء البريطاني هارولد ولسن اعتزام بريطانيا الانسحاب من الخليج بحلول نهاية عام 1971 وبهذا الاعلان اصبح الطريق ممهدا امام الولايات المتحدة لاخذ زمام المبادرة او الجلوس في مقعد القيادة بدلا من تقديم الدعم لبريطانيا، ولذلك كان لابد للولايات المتحدة ان تعيد صياغة سياساتها في الشرق الاوسط خاصة ان هناك تخوفا من قيام الاتحاد السوفياتي بملء الفراغ الذي تخلفه مغادرة الانجليز.
ومع استمرار ثبات اهداف السياسة الامريكية في الشرق الاوسط المتمثلة في ضمان تدفق النفط ومنع وصول الروس الى الخليج، اعدت ادارة الرئيس الامريكي نيكسون استراتيجية تقوم على اساس دعم عسكري قوي لايران والسعودية في نفس الوقت، ويعود سبب هذا الدعم الى ان نتائج التدخل العسكري الامريكي في فيتنام لم تكن مشجعة للتدخل في منطقة اخرى ولم يكن الرأي العام الامريكي يقبل بتدخل جديد لذلك رأت ادارة نيكسون ضرورة تأهيل ايران والسعودية عسكريا للقيام بمهام الدفاع عن الخليج حال ظهور الحاجة مع استعداد الولايات المتحدة لتقديم اسناد بحري وجوي وتقليص مشاركة القوات البرية ، وقد عرفت هذه السياسة بـ Twin pillar.
ولقد كانت ايران في ذلك الوقت تحظى بافضلية على السعودية وكان شاه ايران يرغب في القيام بدور «شرطي الخليج» وشرحا لهذه السياسة حدد مساعد وزير الخارجية الامريكي جوزيف سيسكو امام الكونغرس في اغسطس 1972 ست نقاط:
دعم التطور السياسي في المنطقة، دعم الحكومات القائمة للحفاظ على استقلالها مع تشجيعها على التعاون الاقليمي، المساعدة في تحديث الجيشين السعودي والايراني لتأهيلهما للدفاع عن بلديهما ورعاية امن الخليج، تكثيف الوجود الدبلوماسي الامريكي، الابقاء على قوة بحرية صغيرة في البحرين تقوم بزيارة موانىء الخليج كرمز للاهتمام الامريكي. ولقد كانت الولايات المتحدة ترغب في رؤية نتائج دمج الاموال السعودية بالقوة العسكرية الايرانية.
ورغم نشوب حرب اكتوبر 1973 وقطع امدادات النفط من الخليج فان الاهمية الاستراتيجية للسعودية لم تتأثر بل انها اصبحت اكثر اهمية وهو ما دفع الولايات المتحدة الى تعزيز وجودها العسكري في المحيط الهندي في قاعدة دييغوغارسيا.

سقوط الشاه

ومنذ عام 1979 دفعت الاحداث العلاقات السعودية الامريكية الى المزيد من الارتباط ففي ذلك العام سقط شاه ايران فخسرت الولايات المتحدة حليفا مهما، وجاء الخميني مع شعار تصدير الثورة الاسلامية، كما نشبت حرب محدودة بين اليمن الجنوبي الموالي للاتحاد السوفياتي واليمن الشمالي المقرب من السعودية والولايات المتحدة، كما قام الروس بغزو افغانستان، ثم في عام 1980 بدأت الحرب العراقية الايرانية.
كان الرئيس كارتر قد اعد استراتيجية جديدة في السنة الاخيرة لرئاسته في ضوء تلك المتغيرات وقد عززت تلك الاستراتيجية دور السعودية..لقد اوضح كارتر في عام 1980 ان اي محاولة من قبل قوة خارجية للسيطرة على الخليج سوف تعتبر اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة وان هذا الاعتداء سوف يردع بأي وسيلة بما فيها القوة العسكرية وكانت هذه رسالة واضحة للاتحاد السوفياتي. وازاء هذه التطورات فقد رأت ادارة الرئيس كارتر ضرورة الاستعداد لاحتمالات التدخل العسكري المباشر في الخليج فتم انشاء قوات التدخل السريع لمواجهة اي نزاع عسكري طارىء وتم ارسال طائرات «اواكس» الى السعودية.
وحين تسلم الرئيس ريغان رئاسة الولايات المتحدة عام 1980 ومع الاحتلال السوفييتي لأفغانستان اصبح الخطر السوفياتي هو الشغل الشاغل للإدارة الامريكية¾ وسعت تلك الإدارة الى تحفيز دول الخليج للتحالف معها في مواجهة الاتحاد السوفياتي، ولقد اصبحت السعودية في هذه الفترة نقطة ارتكاز مهمة لتنفيذ السياسة الامريكية في الخليج فازدادت مبيعات السلاح والمساعدة العسكرية والتمرينات المشتركة، كما اعيد تشكيل قوات التدخل السريع لضمان نجاحها -حين يلزم الامر- في تأمين تدفق النفط ومنع الروس من الوصول الى المنطقة.. كما تحددت اهداف عملية لتلك القوات وهي الدفاع عن السعودية وضمان بقاء مضيق هرمز مفتوحا وعدم توسع الحرب العراقية الايرانية. ومع استمرار تلك الحرب وبدء «حرب الناقلات» ازداد التعاون الامريكي السعودي الداعم للعراق وقد كانت استراتيجية الدعم تقوم على عدم السماح لأي من الطرفين بتحقيق الانتصار، فيما كان التعاون السعودي الامريكي في افغانستان يستهدف حتما طرد الروس.

اختبار الكويت

بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية وانحسار الخطر السوفياتي واجهت العلاقات السعودية الامريكية اختبارا كبيرا تمثل في الغزو العراقي للكويت في اغسطس عام 1990 وقد تعززت الشراكة بين البلدين في حرب تحرير الكويت في عهد الرئيس جورج بوش واستقبلت السعودية 400000 جندي امريكي، ومن اراضيها انطلقت حرب التحرير. غير ان وجود القوات الامريكية في السعودية تسبب في انكشاف الاوضاع الداخلية في المملكة على وسائل الاعلام الامريكية.
ورغم انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 وزوال خطر الشيوعية، فان السياسة الامريكية لم تزل تعتبر استمرار تدفق نفط الخليج مصلحة حيوية بالنسبة لها، ولم تفقد السعودية اهميتها في عهد الرئيس كلينتون -وهو أول رئيس امريكي بعد انتهاء الحرب الباردة- ذلك ان السياسة التي تبنتها ادارة كلينتون في الخليج تتطلب دعما هائلا من «الاصدقاء» في المنطقة. لقد اعتمد كلينتون على سياسة «الاحتواءالمزدوج» لايران والعراق وكذلك العقوبات الاقتصادية، وكي تنجح مثل هذه السياسة لابد من وجود قوات عسكرية قريبة تحقق عنصر الردع ولابد ايضا من تعاون الدول المحيطة بايران والعراق لنجاح العقوبات الاقتصادية، واذا كان الخطر الشيوعي قد زال فان طبيعة النظامين الايراني والعراقي جعلت احتمال عدم استقرار الخليج امرا جديا.
ورغم قيام تنظيم القاعدة التابع لاسامة بن لادن بعمليات تفجير سفارتين امريكيتين في كينيا وتنزانيا والرد الامريكي بقصف معسكرات القاعدة في السودان وافغانستان الا ان العلاقات الامريكية السعودية لم تتأثر الى ان وقعت احداث الحادي عشر من سبتمبر .2001
انه من الخطأ الاعتقاد بأن انتماء عدد كبير من منفذي احداث الحادي عشر من سبتمبر الى الجنسية السعودية هو سبب الخلل الذي يشوب العلاقات الامريكية السعودية حاليا، كما انه من الخطأ الاعتقاد بأن الاوضاع الداخلية للمملكة هي السبب، فهذه الاوضاع بلاشك أفضل مما كانت عليه في العقود الاربعة الماضية.
ان مصالح الولايات المتحدة الحيوية هي التي تصوغ سياساتها، ولقد حدث تبدل جذري في «مصادر الخطر» على تلك المصالح واستتبع الامر تبدل جذري في السياسات.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 زال الخطر الذي صاغ سياسات الولايات المتحدة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، ولقد رأينا في العرض السابق اثر ذلك الخطر على العلاقات الامريكية في الشرق الاوسط عموما وفي الخليج، واذ انشغلت ادارة الرئيس كلينتون في الفترة بين 1992 الى 2000 بدول اوروبا الشرقية من جهة وبمحاولة احتواء إيران والعراق من جهة أخرى، فانها غفلت عن تحديد «مصادر الخطر» المحتملة والمتمثلة في الجماعات الاسلامية المتشددة، ولم تتمكن تلك الادارة من صوغ استراتيجية جديدة للشرق الاوسط لفترة ما بعد الحرب الباردة.

استراتيجية بوش

وإذا لم تكن سياسات الرئيس بوش تجاه الشرق الأوسط واضحة بعد حين وقعت احداث الحادي عشر من سبتمبر، فقد صاغت تلك الاحداث سياسات الرئيس بوش الابن تجاه المنطقة. ولعله من الجدير ملاحظة ان عوامل نفسية تحكمت الى حد بعيد في صياغة تلك السياسات فالهجمات اصابت الكبرياء الأمريكي في مقتل. ورغم ان الرد الأمريكي على تلك الهجمات بدا سريعا عبر حرب أفغانستان، الا ان الرد الحقيقي والأهم تجسد في استراتيجية الرئيس بوش التي أعلنها في سبتمبر عام 2002، ان فهم تلك الاستراتيجية والأفكار التي تستند إليها هو أفضل وسيلة لفهم مصدر الخلل الحالي في العلاقات الأمريكية السعودية. فتلك الأحداث هي التي حفزت الادارة الأمريكية لصياغة سياسة جديدة تجاه الشرق الأوسط لحماية مصالحها.
تنطلق استراتيجية الرئيس بوش من حقيقة فرضتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر وهي أن «أمن» الولايات المتحدة وليس «مصالحها» فقط يأتي من الشرق الأوسط، أو كما قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى وليام بيرنز «في الشرق الأوسط يعيش أقرب الأصدقاء لنا، ويوجد ثلثا احتياط النفط العالمي. ومنه جاء ارهابيو الحادي عشر من سبتمبر»...
وتسعى الاستراتيجية إلى ضمان أمن الولايات المتحدة الداخلي عبر تجفيف منابع الخطر فيما وراء البحار، وتعتبر الاستراتيجية الارهاب الدولي العدو الأول الذي حل محل الخطر الشيوعي. بل انها تعتبر الارهاب الدولي أكثر خطرا، فأحداث الفوضى والألم في الولايات المتحدة لا يحتاج كما تقول الاستراتيجية أكثر من «شبكات مستترة من الأفراد... وبثمن يقل عن ثمن شراء دبابة واحدة».
وإذ تشرع الاستراتيجية في بيان عناصر «القوة الأمريكية» المتوفرة في الترسانة العسكرية فإنها تحذر الدول التي تساند الارهاب وتقول: «سوف تحاسب الولايات المتحدة الدول التي تتورط في الارهاب من ضمنها تلك التي تمنح ملاذاً آمناً للارهابيين لأن حلفاء الارهاب هم أعداء الحضارة».
وتؤكد الاستراتيجية أن «على الولايات المتحدة أن تدافع عن الحرية والعدالة لأن هذه المبادىء حق وصواب لجميع الشعوب أينما كانت، ولا تملك هذه الطموحات دولة واحدة، كما ما من دولة مستثناة منها وتشير الاستراتيجية إلى التوحيد بين القيم والمصالح الأمريكية، وتذهب إلى حد اعلان أن الولايات المتحدة سوف تشن «حرب أفكار لكسب المعركة ضد الارهاب الدولي» وإنها سوف تدعم الحكومات المعتدلة والعصرية في العالم الاسلامي «لنضمن ألاّ توفر الظروف والعقائد التي يروجها الارهابيون أرضاً خصبة في أي دولة».
وباختصار شديد يمكن القول إن الادارات الأمريكية المتعاقبة وحتى سقوط الاتحاد السوفييتي لم تكن معنية كثيراً بالشؤون الداخلية للدول الحليفة لها طالما أن علاقاتها مع الأنظمة الحاكمة «مريحة» وطالما كانت تلك الأنظمة «تراعي» المصالح الأمريكية. وكثيرا ما كانت الإدارة الأمريكية تغض النظر عن تجاوزات تلك الأنظمة في مجال حقوق الانسان بل إنها كانت تحث تلك الأنظمة ـ بحجة مكافحة الشيوعية ـ على قمع الحركات الشعبية التي تطالب بالانفتاح السياسي... لقد كان ضمان تدفق المصالح الأمريكية يتطلب دعم الأنظمة المناهضة للاتحاد السوفييتي... أما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر فقد أصبح ضمان «أمن ومصالح» الولايات المتحدة يتطلب فرض القيم الأمريكية حتى أن الكويت التي حررتها الولايات المتحدة من قوات صدام حسين عام 1991 لم تتعرض في السنوات العشر اللاحقة إلى ضغط أمريكي لتعديل سياستها الداخلية بقدر ما تعرضت له بعد الحادي عشر من سبتمبر.

قيم ومصالح

في 8 نوفمبر 2002 ألقى مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى وليام بيرنز خطاباً مهماً في مجلس الشؤون العالمية في بليتمور بولاية ماريلاند قال فيه إن «الحقيقة المجردة هي أن الشرق الأوسط الغارق في مستنقع النزاعات الداخلية يشكل تهديداً للشعب الأمريكي». ويضيف متحدثاً عن الاصلاح السياسي والاقتصادي في دول الشرق الأوسط قائلاً: «بالنسبة للولايات المتحدة من مصلحتنا العميقة تشجيع هذه التغييرات الهيكلية طويلة الأجل... تقع معظم هذه التحديات خارج سيطرتنا لكن لا واحدة منها تبقى خارج نطاق نفوذنا»!.
ولعله من المهم جداً التمعن في محتويات خطاب آخر ألقاه وليم بيرنز في مايو 2003 شارحاً جانباًً من أجندة العمل الأمريكية طبقاً لاستراتيجية الرئيس بوش. لقد حدد بيرنز في خطابه المهم أربع نقاط ذات أهمية خاصة في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، أولها: اعطاء «تحدي تحقيق انفتاح الأنظمة السياسية في المنطقة أولوية» ويقول شرحاً لهذه النقطة «لقد التحقت بالسلك الدبلوماسي الأمريكي منذ واحد وعشرين عاماً وخدمت في عهد أربع ادارات وقد أمضيت معظم ذلك الوقت في العمل على قضايا شرق أوسطية، والقول إننا لم نول اطلاقاً اهتماما كافياً لما ينطوي عليه تحقيق انفتاح بعض الأنظمة السياسية المتجمدة على المدى الطويل من أهمية خاصة في العالم العربي، هو انتقاد منصف لجميع جهودنا خلال تلك السنوات» ويضيف أن تحقيق الانفتاح السياسي «ليس مجرد مسألة قيم أمريكية أو ضمان حقوق الإنسان الأساسية... إنه أيضاً مسألة مصالح أمريكية واقعية» ثم يقول إن «الاستقرار ليس ظاهرة جامدة لا متغيرة، والأنظمة التي لا تجد سبلاً للتكيف مع تطلعات شعوبها إلى المشاركة ستصبح أنظمة هشة قابلة للاحتراق» ثم يؤكد بعد ذلك أن الشرق الأوسط «لا يتمتع بأي حصانة من هذه الحقيقة تميزه عن أي جزء آخر في العالم» وان بعض الأنظمة العربية ستجد صعوبة في التغيير «وقد لا يتقدم بعضها إلى الحد الكافي بالسرعة الكافية وقد لا يبذل بعضها محاولة جاهدة على الإطلاق وهذه هي الأنظمة التي يرجح انضمامها أكثر من غيرها إلى صفوف الدول الفاشلة حول العالم» ثم يشير بيرنز إلى أن الرئيس بوش يعتقد انه «من مصلحتنا جداً في الأمد الطويل أن ندعم التغيير الديموقراطي» مؤكداً أن هذا التغيير ليس «مجرد تغيرات سطحية أو تجميلية أو تغيرات يتم تأجيلها بشكل مستمر... بل هي تغير حقيقي».
وفي سبيل تحقيق هذا «التغير الحقيقي» أعدت إدارة الرئيس بوش برامج مفصلة ضمن «مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط» وهي برامج تندرج تحت عناوين الاصلاح السياسي والاصلاح الاقتصادي والاصلاح التعليمي.
إدارة الرئيس بوش ترى أن الخطر الرئيسي على أمن ومصالح الولايات المتحدة هو «الارهاب الدولي» او بعبارة أكثر صراحة هو «الإرهاب الإسلامي» لذلك فهي عازمة على تغيير البيئة التي تعتقد أن هذا الإرهاب يزدهر فيها.

تغير المعادلات

إن الخلل القائم حاليا في العلاقات السعودية الامريكية هو نتاج تغير المعادلات السياسية الدولية والإقليمية تغيرا جذريا.. فقد سقط الاتحاد السوفييتي وزال خطر الشيوعية، واندثر القوميون العرب، وبرزت الجماعات الإسلامية، وزال نظام صدام حسين، وايران تحت الاحتواء الأمريكي. والعراق ونفطه تحت الاحتلال الأمريكي، فيما يتنامى خطر «الإرهاب الإسلامي» الذي وصل الأراضي الأمريكية.. إن كل هذه المتغيرات لا بد وأن تغير المبادىء التي قامت عليها السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط منذ عهد الرئيس إيزنهاور وهو العهد الذي بدأت فيه الشراكة الأمريكية السعودية.. ووسط هذه المتغيرات الجذرية لم تعد السعودية ركيزة أساسية من ركائز السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بقدر ما هي ساحة تغيير. لقد انخفضت القيمة الإستراتيجية للدور السياسي السعودي وإن استمر النفط في الحفاظ على أهميته غير أنه فقد قيمته ـ وسط هذه المتغيرات ـ كأداة سياسية مؤثرة في العلاقات الأمريكية السعودية، ويمكن للنفط العراقي أن يحد كثيرا من أي «استخدام سياسي» للنفط السعودي لقد تغيرت المعادلات ويجري الآن صياغة معادلات بديلة.
إن الولايات المتحدة لم تعد بحاجة إلى استخدام الأراضي السعودية لتأمين تواجدها العسكري أمام «الاندفاع» القطري و«الاستعداد» الكويتي و«التبرع» البحريني هذا في حال الانسحاب من العراق.

إعادة صياغة

إن السعودية في وضع لا تحسد عليه إطلاقا، وتحتاج المملكة إلى إعادة صياغة سياساتها الداخلية والخارجية للتأقلم مع المتغيرات الدولية والإقليمية. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا تملك المملكة من أدوات التغيير؟ على المستوى الداخلي «فأهل مكة أدرى بشعابها» لكن المؤكد هو أن المسافة الفاصلة بين الشأن الداخلي والشأن الخارجي تقلصت كثيرا وأعتقد أن صياغة سعودية رسمية وشعبية لمشروع تطوير سياسي حقيقي في المملكة أفضل بكثير من الاكتفاء بمقاومة مشروع الإصلاح الأمريكي دون تقديم بديل، فلن يكون في مقدور السلطات السعودية مواجهة الضغط الأمريكي دون مشاركة فاعلة تلقائية من الشعب السعودي ذاته.
أما على الصعيد الخارجي فليس بامكان السعودية إحياء الشيوعية فزيارة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي إلى موسكو مؤخرا والزخم الذي صاحب تلك الزيارة، وحاجة روسيا إلى «الأموال السعودية» لن يكفي لعودة الحرب الباردة التي تؤدي إلى استعادة المملكة أهميتها الاستراتيجية السابقة حتى لو انضمت روسيا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي. ولا يمكن إعادة عبدالناصر إلى حكم مصر ولا يكفي عرقلة الاعتراف العربي بمجلس الحكم العراقي لإجبار الولايات المتحدة على التراجع عن سياساتها تجاه الشرق الأوسط. إن الأوراق المتاحة أمام السعودية لموازنة علاقاتها مع الولايات المتحدة غير مؤثرة فالأنظمة العربية جميعها وبلا استثناء تتسابق لدرء الغضب الأمريكي، ودول الخليج التي كانت تتبع المملكة أصبحت تجتهد في «التماس العذر من الشقيقة الكبرى» بعد أن كسرت قطر الحاجز النفسي في استقلالية القرار، كما أن التيار الشعبي العربي الأقوى في معاداته للولايات المتحدة هو التيار الإسلامي لكن المملكة تدرك أنه من الخطورة بمكان استمرار دعم هذا التيار واستخدامه في هذه الفترة بالذات كما فعلت مع القوميين العرب، فهذا التيار ليس تنظيريا ويصعب التحكم فيه. وهكذا فليس امام المملكة سوى مكانين للتحرك والمناورة بعيدا عن شؤونها الداخلية.. العراق وواشنطن «فالاموال السعودية» يمكن أن تلعب دورا مهما هناك!

حساب النتائج

أما من جانب الولايات المتحدة فإن إدارة الرئيس بوش لا بد أنها تدرك الآن بعد تجربتها القصيرة في العراق أن «الحماس» عند صياغة الخطط والبرامج ورسم السياسات لا يكفي لضمان تحقيق الاهداف. بل قد يتسبب الحماس في الصياغة إلى اندفاع غير محسوب عند التنفيذ.. إن سهولة إسقاط نظام صدام حسين لا تعني أن إعادة بناء العراق وتحويله إلى «الدولة النموذج» أمر سهل بدوره.. كما أن القدرة على «فرض» الإصلاح السياسي لا تعني أن النتائج سوف تكون مذهلة حتما. أليست استراتيجية الرئيس بوش موجهة أساسا للتعامل مع «أدوات ونتائج» السياسة الأمريكية في السنوات السابقة! إن صدام حسين وطالبان وبن لادن أيضا كانوا في يوم ما أدوات أمريكية.
في يناير عام 1956 طالبت بريطانيا الولايات المتحدة اتباع سياسة متشددة ضد السعودية وقد تم عقد عدة اجتماعات في واشنطن بين مسؤولين بريطانيين وأمريكان لمناقشة هذه المسألة.. وتعليقا على الإلحاح البريطاني كتب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى مذكرة إلى رئيسه قال فيها:
The British desire to show firmness is probably shared by many people. our view is that we should be careful not to exert more pressure than the traffic will bear.

«ربما يشارك اناس كثيرين الرغبة البريطانية في التشدد.
وجهة نظرنا اننا ينبغي أن نكون حذرين، فلا نمارس ضغطا أكثر مما يمكن تحمله».
انني أعتقد أن الولايات المتحدة بحاجة اليوم إلى التمعن جيدا في محتوى تلك المذكرة.. فلا يبدو أن أحدا يحسب النتائج المحتملة.