loading ..loading
أدرينالين الحكومة!
27th August 2022

قلت في مقال الأمس إن "الحصول على دعم الرأي العام ثم التفاهم والإقناع هو السبيل الأفضل لتمرير مشروعات الإصلاح ..."، فما هو أساس هذا التفاؤل؟!

في الحقيقة، ليس لهذا التفاؤل أي أساس تاريخي حتى الآن. وإذا فحصنا مواقف جميع الحكومات السابقة، فإن فالتجارب تؤكد أنه لا سبيل للتفاهم ولا مجال للاقتناع من جانب الحكومة في اقتراحات الإصلاح لأسباب كثيرة لا علاقة لها بمضمون الاقتراحات. كما أنها لم تكن مهيأة أبدا، بل ليست مستعدة، حتى للاشتراك في بحث ودراسة أو فهم فكرة الاقتراحات التي تأتي من قبل أعضاء مجلس الأمة. أضف إلى ذلك تواضع مستوى الجهاز الاستشاري القانوني في الدولة، لا سيما في الجانب التشريعي. وأذكر هنا أن رئيس سابق لمجلس القضاء كان يقول، وقوله موثق كتابة، إنه لا يحق لمجلس الأمة اقتراح تعديل قوانين مثل قانون المحكمة الدستورية أو تنظيم القضاء، وإن الأمر من اختصاص القضاء فقط!!

لكن أخذا في الاعتبار الأجواء السياسية الحالية والارتفاع الملحوظ في "أدرينالين" الحكومة، فإنني أرى أنه "ربما" تكون هناك فرصة "لإغراء" حكومة ما بعد الانتخابات للتخلص من العقلية التقليدية التي كانت تدار بها الحكومات السابقة، و"ربما" يتوفر لديها الاستعداد لفهم منافع اقتراحات الإصلاح، و"ربما" يظهر لديها الاستعداد لدراسة تلك الاقتراحات، و"ربما" توافق لاحقا عليها كقوانين.

إن إصدار قوانين حديثة ومتطورة، سواء في أصول المحاكمات أو في تنظيم العمل السياسي أو غيرها من مجالات، هو انتصار للدولة بما فيها الحكومة وليس لمجلس الأمة فقط.

وتمسكا بـكل تلك "الربمات" السابقة، سوف أضع في هذا المقال قائمة ببعض الاقتراحات دون أن أهتم بترتيب أولويتها. وبالطبع المجال مفتوح لإضافة عناوين أخرى وترتيب الأولوية.

لكن قبل ذلك أود أن أسأل: ما الذي يخيف الحكومة من تطوير قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية مثلا على نحو يضمن حقوق المتهم بمحاكمة عادلة وتحقيق نزيه ومحايد؟ وما الذي يخيف الحكومة من قانون جديد ينظم المحكمة الدستورية ويضمن استقلالها ويعزز قدرتها الفنية كي تكون لدينا محكمة دستورية ترفع اسم الكويت عاليا؟ ما الذي يخيف الحكومة من قانون ينظم إنشاء الهيئات السياسية؟ أليس تنظيمهما أفضل من الوضع الحالي؟

 على أية حال، فيما يلي القائمة المقترحة، ومعظمها مكتوب بالتفصيل، وموجودة لدى اللجنة التشريعية في مجلس الأمة منذ عام 2012. أما بالنسبة للاقتراح الخاص بتنظيم ما يتصل بتحسين المستوى المعيشي، فقد سبق للأستاذ أحمد الديين أن قدم اقتراحا مكتوبا بهذا الشأن عام 2003 إلى المرحوم الشيخ صباح الأحمد لكن دون جدوى!

 

·      تعديل القوانين المنظمة للانتخابات: الدوائر الانتخابية لتحقيق توزيع عادل للناخبين، تخفيض سن الانتخاب لتوسيع القاعدة الانتخابية، تعديل شروط الترشح وإزالة التعسف السياسي في تلك الشروط، الإشراف على الانتخابات من قبل هيئة مستقلة، تنظيم الطعون الانتخابية.

·      قانون المحكمة الدستورية: استقلاليتها، تشكيلها، اختصاصاتها، إجراءات الدعوى الدستورية.

·      قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية: لزيادة ضمانات حياد التحقيق ونزاهته واستقلاليته، ومنح المزيد من الضمانات لحماية حقوق المتهم وحقه في الدفاع والمحاكمة العادلة.

·      قانون تنظيم القضاء: بما يخدم استقلال القاضي في إصدار أحكامه، وتعزيز نزاهة القضاء وشفافية إجراءات التقاضي.

·      قانون الجزاء: إلغاء النصوص غير الدستورية المتصلة بجرائم أمن الدولة وغيرها، وتحديث بعض القانون الحالي.

·      وضع تنظيم جديد يستهدف ضمان تخفيف أعباء المعيشة على الناس وتحسين مستوياتها سواء فيما يتصل بارتفاع أسعار السلع أو إيجار العقارات أو الرواتب والأجور وغيرها من المسائل الاقتصادية وما يرتبط بها من نتائج اجتماعية للتخفيف من البعد السياسي في القرارات ذات الصلة.

·      اللائحة الداخلية لمجلس الأمة: تعزيز لجان التحقيق، انتخابات الرئاسة، نظام الاستجوابات، انعقاد الجلسات دون حضور الحكومة، ضمانات عدم انحراف الرقابة البرلمانية.

·      قانون هيئة مكافحة الفساد: لتحقيق فعالية وجدية، وضمان أعلى قدر من الشفافية.

·      قانون لإشهار الهيئات السياسية.

·      قانون محاكمة الوزراء: لإلغاء كافة النصوص غير الدستورية وتقليص الحماية الممنوحة للوزراء، ولضمان حياد التحقيق ونزاهته وجديته.

·      قانون ديوان المحاسبة: لمنح الديوان سلطة أكبر في متابعة المخالفات المالية وملاحقتها.

·      قانون الحقوق المدنية والاجتماعية لغير محددي الجنسية يتوافق مع المعاهدات الدولية.

·      هيئة مستقلة للأدلة الجنائية: لضمان عدم تبعيتها لوزارة الداخلية من أجل تحقيق الحياد والنزاهة في عملها.

·      كافة القوانين المتصلة بحرية التعبير والرأي: من أجل تعزيز الحرية وحمايتها من التعسف والتصدي للملاحقات السياسية التي تتم بذرائع قانونية.

إن الاقتراحات السابقة، وغيرها من اقتراحات الإصلاح والتطوير، لن تهز أركان الدولة، ولن تتسبب في خلق الفوضى، بل تكرس العدالة، وتحمي حقوق المواطنين وتنظم العمل السياسي وترتقي بمستوى الدولة.