لماذا يموت "الشرير" في نهاية الفيلم؟
لأنه لو مات مبكرا لما كانت هناك قصة ولا بطل ولانتهى
الفيلم!
كانت تصرفات السلطة سابقا تخلق أجواء من "التحدي
السياسي" على نحو يساهم في رفع نبرة الخطاب الانتخابي المعارض، ويحفز الناخب على
المشاركة في حضور الندوات، ويوجهه كذلك، في قراره الانتخابي الداعم "للمعارضة".
ويبدو لي أن أجواء التحدي تلك قد لا تظهر في الانتخابات القادمة.
فبعد الخطاب الأخير لصاحب السمو أمير البلاد، حدث
تحول "عاطفي" شديد وملحوظ في موقف الرأي العام لصالح السلطة، إثر موجة
التفاؤل التي عمت البلاد. وأرى أن هذا التحول قد يؤدي إلى انخفاض نبرة خطابات
المرشحين الذين ينتسبون إلى "المعارضة"، بل وقد يؤدي إلى التأثير سلبا
على مراكز بعضهم في النتائج.
وأخشى أن "الشرير" قد مات مبكرا في
هذه الانتخابات!
وحتى لا
تنتهي "قصة" الانتخابات، أتمنى أن تنجح العناصر الوطنية في الانتخابات الراهنة
في اعتماد خطاب موضوعي جديد يتناسب مع ميول الرأي العام وموجة التفاؤل السائدة على
نحو يقود إلى فوز أغلبية وطنية معنية بالإصلاح السياسي. ولعل التطورات السياسية
الأخيرة تكون فرصة مناسبة لتطوير خطاب المعارضة، ومن بعده أسلوب العمل البرلماني.
وفي خضم التغيير الجاري
في الساحة السياسية، علينا التوقف عند مسألة في غاية الأهمية. لقد انتبه أحد
الأصدقاء، مبكرا بعد الخطاب الأميري، إلى أن قواعد "الموالاة والمعارضة"
قد تتغير. فإذا جاءت حكومة ما بعد الانتخابات برئيس وزراء مقبول، ووزراء "ملو
هدومهم"، مع أفكار إيجابية جديدة، فإن المعارضة التقليدية سوف تنتهي. تعارض
ماذا ومن؟ بل يذهب إلى القول إن المعارضة التقليدية قد تتحول إلى "موالاة
جديدة"، فيما من المؤكد أن تتحول الموالاة التقليدية إلى "معارضة
جديدة" في حال استمرت بعض مراكز القوى في محاولة التأثير في المشهد السياسي
الحاضر!
وأود هنا أن أنبه المرشحين إلى وجوب عدم
الانجرار خلف بعض المحاولات التي
قد تظهر خلال الحملة الانتخابية. فليس من المستبعد إطلاقا أن "تستثمر" بعض
الأطراف في الطائفية أو العنصرية أو حتى المعارك الشخصية بقصد تخريب الانتخابات.
أما عن مشروعات الإصلاح، فقد كانت السلطة تسعى
على الدوام للتخلص من النظام الدستوري بطريقة أو بأخرى، وهو ما جعل
"معركة" الدفاع عن ذلك النظام أولوية دائمة بالنسبة لنواب
"المعارضة". وتعذر، نتيجة لأسباب عدة، الالتفات نحو مشروعات الإصلاح
السياسي.
واليوم، إذ تخفت مؤقتا، أصوات المعركة السابقة،
فقد جاءت الفرصة "للمعارضة" كي تتبنى مشروعات للإصلاح والتطوير. وبناء
على هذه الفرصة أتمنى أن يطرح كل مرشح وطني أفكاره وتصوراته حول تلك المشروعات وكيفية
إقرارها.
إن علينا
ألا نتوقف عند حد "التفاؤل"، ويجب ألا يكون "هم الأمة" بقاء
مجلسها القادم أربع سنوات من دون إنجاز وطني.
لقد أعلن صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله عن
التزام الأسرة الحاكمة بالدستور وبدولة المؤسسات، وبالتالي لابد من استغلال حالة
التفاؤل في العمل على استكمال ما ينقصنا من متطلبات النظام الدستوري واستكمال بناء
دولة المؤسسات.
وفي تقديري هناك فرصة لتمرير بعض المشروعات
بموافقة الحكومة.
إن أكثر ما ترغب به الأسرة الحاكمة، في ظني، هو الاحترام
العلني، وألا يتم إظهارها بمظهر "المغصوب"، وبالتالي فإن الحصول على دعم
الرأي العام ثم التفاهم والإقناع هو السبيل الأفضل لتمرير مشروعات الإصلاح السياسي.
إن الصراخ والانفعال في
مجلس الأمة ليس علامة على "الوطنية"، والدخول في متاهة الشخصانية ليس
إصلاحا. ولكن أيضا المهادنة ليست من الوطنية إطلاقا إذا كان الغرض منها فقط استمرار
المجلس أربع سنوات. ففي مجلس 2012، وفي الوقت الذي كانت فيه السلطة تخطط وترتب
لإبطال المجلس، كان البعض يتوهم أن المهادنة هي طوق النجاة!
إن هناك حاجة ماسة
لمحاولة إقرار عدد من القوانين الجديدة وتعديل عدد آخر من القوانين القائمة،
ولدواعي تخفيض عدد كلمات المقال، سوف أعرض اقتراحاتي في مقال منفصل في الغد بإذن
الله.