loading ..loading
شيل مرزوق وبدل صباح"؟"
16th July 2022

تسود حالة ترقب في الساحة السياسية انتظارا لتعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء. ويصاحب هذا الترقب "الإيجابي" حالة عامة من التفاؤل الشعبي خلقها الخطاب الأميري الأخير ثم عززتها استقالة النائب العام، وهي الاستقالة التي اقترنت بمجموعة من الإشاعات عن وجود توجه لإقالة أو استقالة شخصيات عامة أخرى من مناصبها في إطار "حملة تغيير".

 كما ساد جو من الارتياح الشعبي إثر تردد إشاعات عن احتمال تعيين الشيخ الدكتور محمد صباح السالم أو الشيخ أحمد نواف الأحمد لرئاسة الحكومة بالنظر لتمتعهما بمحبة الناس وبقدر كبير من القبول الشعبي.

ومن دون تقليل لأهمية "التفاؤل الشعبي" وأسبابه، أود أن أسأل: هل يكفي التعهد بعدم المساس بالنظام الدستوري وبعدم التدخل في انتخابات مجلس الأمة ورئاسته ولجانه، وتعيين رئيس حكومة محبوب ومقبول، هل يكفي هذا كله لتحقيق نهضة البلد؟

بالطبع هذا لا يكفي إطلاقا. فالكويت، في تقديري الشخصي، تحتاج إلى مشروع متكامل، مشروع دولة تختفي مقابله كل "المشروعات الشخصية".

لقد تأذت الكويت كثيرا، وعلى مدى عقود، من سيطرة "مشروعات الحكم" التي كان يحملها بعض الشيوخ، فقد كانت الغلبة لطموحهم الشخصي من غير أي تزامن مع مشروع للدولة، بل وبما يتعارض معه في أغلب الأحيان.

كما تأذت الكويت كثيرا من الصراع العبثي مع الدستور وحلم بعض الشيوخ بالتخلص منه وفرض نظام الحكم الفردي.

والآن، ومع ذبول جذوة المشروعات الشخصية للحكم إلى حد ما، ومع التعهد الأخير بعدم المساس بالنظام الدستوري، أتمنى أن تتاح الفرصة للتركيز على مشروع إحياء نهضة الكويت.

نحن بحاجة ماسة إلى فكرة مركزية مختارة تتناسب مع القدرة المالية للدولة ومع القدرة البشرية للشعب الكويتي. ماذا نريد للكويت أن تكون؟ لا يكفي أن ننتج النفط ونكرره، ثم نبيعه ثم ندفع الرواتب والمعونات للشعب والباقي يضيع بين صرف بلا ضوابط أو سرقات وتنفيع وصفقات سلاح ومساعدات لا جدوى منها للدول الأخرى.

ولو تمكنا من تحديد واختيار الفكرة المناسبة، فإن طريق النجاح تعترضه عقبات كثيرة. فنحن لدينا مشاكل كثيرة.. كثيرة جدا!

كيف يصبح القانون هو الحاكم الرئيسي في المجتمع، على الجميع بلا استثناء؟

نحتاج إلى ضمان عدالة وكفاءة المحاكم وأجهزة التحقيق والشرطة والأمن العام.

نحتاج إلى ضمان حرية التعبير عن الرأي وحماية الأمن الفردي عموما.

نحتاج إلى أنظمة تعليمية وصحية متطورة وهيئات تعليمية وكوادر طبية تتمتع بالكفاءة.

نحتاج إلى تغيير جذري في التركيبة السكانية وتعزيز الاعتماد على المواطن الكويتي.

نحتاج إلى مكافحة جادة للفساد تطال أصحاب النفوذ ولا تنهار أمام سطوتهم.

نحتاج الكثير من الحلول طويلة المدى، ونحتاج إلى خطط وبرامج جادة ومحترفة... نحتاج إلى برامج فعالة للتنمية البشرية... وهذا كله لن يتحقق بالأماني الطيبة فقط.

نحن نحتاج إلى تغيير جذري في نهج إدارة الدولة، فهل تتوفر النية والإمكانية الآن لتحقيق هذا التغيير؟ أم أن الأمر لن يخرج عن "شيل مرزوق وربعه وبدل صباح وهات ولد عمه"!!

وعلى الضفة الأخرى من الحالة السياسية، أود أن أنبه كل الأشخاص الذين ينسبون أنفسهم إلى "المعارضة" إلى أن المعارضة السياسية ليست انتخابات فقط، فنحن لسنا بصدد تشكيل فريق كرة قدم، ويجب أن تتوقف فورا جميع الممارسات المعيبة وأن ترتقي كافة الأطراف إلى المستوى اللائق، وأن يتنافسوا في أفكارهم وبرامجهم لا في شتائمهم و"تكتيكاتهم".