loading ..loading
العقيدة السياسية
04th April 2022

كل الأمور واضحة في الكويت: حكومات فاشلة جدا، فساد في كل زوايا الدولة، ضعف في كيفية إدارة مالية الدولة، غياب تام للخطط والبرامج مع هامش ضيق لحرية التعبير.

لقد وصلنا في العهد السابق إلى مرحلة الإخفاق التام (Total Failure)، فالحكومات التي تفشل في "تزفيت" الطرق وفي تصريف مياه الأمطار وفي تنظيم حركة المرور، لن تنجح أبدا في إدارة الدولة.

وبمناسبة تشكيل حكومة جديدة في الأيام المقبلة، نسأل: ما هي الخطوات التي تحتاجها البلاد فورا وبلا تردد أو تأخير؟

في تقديري الشخصي، إذا أردنا إنقاذ الكويت حقيقة، أرى أنه لابد من معالجة أصل الخلل لا مظاهره. وبعبارة أخرى، أرى أن أفضل بداية هي أن نبدأ من حيث انتهى المغفور له الشيخ عبدالله السالم.

كيف ذلك؟

كان الشيخ عبدالله السالم رحمه الله يثق بالشعب الكويتي أكثر، ربما، من ثقته ببعض الشيوخ. وجاء دستور 1962 معبرا عن تلك الثقة. لكن بعد وفاة الشيخ عبدالله السالم صار المجال مفتوحا كي تسود "ثقافة الشك" من قبل بعض الشيوخ تجاه الشعب. وعلى نحو تدريجي، سعى بعض الشيوخ إلى الانفراد في السلطة. وفي طريق الانفراد بالسلطة، أدركوا أنهم بحاجة إلى أعوان، فاستعانوا، في مراحل مختلفة وحتى يومنا هذا، بكل من عرض نفسه لخدمة مشروع الانفراد بالسلطة: التيار الديني، الطائفية، القبلية، العائلية والليبرالية. كما أغدقوا العطاء لكل من يواليهم فانتشر الفساد وعم أرجاء الكويت وتنوعت أصنافه.

ومع كل ما سبق، ومع تعطيل الدستور وكارثة الغزو العراقي، ظل الشعب الكويتي يستعين بالصبر والأمل، مع بعض التذمر، وهو متمسك بالولاء المطلق لأسرة الصباح.

إلا أنه اعتبارا من عام 2009 وحتى يومنا هذا حدثت بعض الأمور التي لم نكن نتوقعها إطلاقا من أسرة الصباح: حبس ومحاكمات سياسية، سحب وإسقاط الجناسي، عبث لا مثيل له في الانتخابات... وفي المقابل ظهر حراك سياسي شعبي غير مسبوق. وقد يظن البعض أن الأسرة نجحت في مسعى انفرادها في السلطة، لكن الواقع، كما يراه الرأي العام، أنها اضطرت للتنازل عن قدر من تلك السلطة لحليف لها استخدم ذلك القدر من أجل خدمة مصالحه الذاتية مقابل "خدماته" على نحو يجرح العلاقة التاريخية بين الأسرة وعامة الشعب الكويتي وبصورة وضعت الحليف في مرتبة عالية جدا في ترتيب اتخاذ القرار السياسي.

 إن تشكيل حكومة جديدة وفق الأسس ذاتها المكونة للعقيدة السياسية لأسرة الصباح التي تشكلت بعد وفاة عبدالله السالم لن يؤدي إلا إلى استمرار الوضع القائم. إن ما تحتاجه أسرة الصباح هو تغيير عقيدتها السياسية بأن تضع كل ثقتها في الشعب الكويتي وأن تلتزم بروح الدستور ونصوصه. إن هذا التغيير هو "المدخل" الرئيسي للاستقرار السياسي الإيجابي.

لقد كانت الانتخابات البرلمانية الأخيرة "نظيفة" وهذا ما جعلنا نتأمل التغيير، إلا أن ما أعقب تلك الانتخابات كان مجرد استمرار للنهج القديم الذي أخفق في توفير الاستقرار السياسي وفي حماية الحكومات السابقة.

وفي تقديري الشخصي، فإن استمرار مجلس الأمة الحالي خطأ، فرئيس الوزراء الجديد يجب أن يعمل من دون التزام بسياسات وارتباطات وتحالفات وإخفاقات من سبقه.