loading ..loading
من أوراق قضية "دخول المجلس" (3)
17th December 2017

الورقة الثالثة من أوراق قضية دخول مجلس الأمة التي أعرضها اليوم تتصل بإدانة محكمة الاستئناف عدد من المتهمين بجريمة الدعوة إلى تجمع غير مرخص في مجلس الأمة، وجريمة التجمع بغير ترخيص داخل المجلس استنادا على قانون الاجتماعات العامة.

وبالعودة إلى ذلك القانون نجد أن المشرع قسمه إلى (3) أبواب.

 الباب الأول في الاجتماعات العامة، والباب الثاني في المواكب والمظاهرات والتجمعات، أما في الباب الثالث والأخير فقد وردت العقوبات على الجرائم الواردة في البابين الأول والثاني.

وبمطالعة نص المادة (12) من القانون، وهو أول نص في الباب الثاني (التجمعات)، نجد أنه جاء على النحو التالي:

"تسري أحكام المواد 4 و5 و6 و8 و10 من هذا القانون على المواكب والمظاهرات والتجمعات التي تقام أو تسير في الشوارع والميادين العامة...".

أي أن هذا النص لم يتضمن أي تنظيم للتجمعات التي تقام في أماكن أخرى غير الشوارع والميادين العامة مثل المباني، سواء كانت خاصة أو عامة، كمجلس الأمة مثلا.

 وبالتالي فإنه لا مجال للقول بوجود جريمة اسمها "التجمع بغير ترخيص في مبنى عام"، فالمحظور وفقا لقانون الاجتماعات هو تنظيم تجمع بغير ترخيص في الشارع أو في ميدان عام. أما في غير تلك الأماكن، فلا جريمة في عقد التجمع، ولا حاجة أصلا للحصول على ترخيص، حيث إن الأصل هو الإباحة.

وحيث إن مجلس الأمة لا هو بشارع ولا هو بميدان عام، فلا جريمة إذا ما تم عقد تجمع بداخله بغير ترخيص. فضلا عن ذلك فإن وزارة الداخلية لا تملك سلطة ترخيص أو منع ترخيص تجمع داخل مجلس الأمة.

إن القاعدة الدستورية تقرر أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون.

 وإذ خلا قانون الاجتماعات العامة من نص، فإنه لا مجال لمؤاخذة أحد بجريمة غير موجودة.

وعلى الرغم من انتفاء الجريمة من الناحية القانونية، أي عدم وجود نص تجريمي،

وعلى الرغم من إقرار محكمة الاستئناف بانتفاء النص التجريمي، إلا أنها أدانت المتهمين بتلك الجريمة.

فها هي محكمة الاستئناف تقول:

 "وجاء القانون خالياً مما ينظم كيفية التجمع في الأماكن العامة في غير الطرق والميادين".

وقد استندت المحكمة، بغرض إدانة المتهمين، إلى نص المادة (16) من القانون والتي تضمنت عقوبة عقد تجمع بغير ترخيص في الشوارع أو الميادين العامة!

أي أن المحكمة "استعارت" عقوبة وردت لجريمة، وطبقت هذه العقوبة "المستعارة" على فعل اعتبرته هي جريمة، رغم انتفاء وجودها من الناحية القانونية.

وبالترتيب على ما سبق بشأن انتفاء الركن الشرعي للجريمة المختلقة، فإن القول بإن دخول مجلس الأمة كان بقصد ارتكاب تلك الجريمة المختلقة يكون قد سقط قانونيا. كما تسقط جريمة التجمع داخل مجلس الأمة بغير ترخيص.