loading ..loading
الرايات
18th November 2020

فور تولي صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد مقاليد الإمارة، سرت بين الناس نسمات مريحة من الأمل والتفاؤل. لم يكن ذلك نتيجة تقييم سياسي متجرد للعقيدة السياسية التي سوف يتبناها العهد الجديد بقدر ما كان نتيجة معرفة الناس بشخصية "الأمير الجديد". ولأن السياسة في الكويت تختلط كثيرا بأطباع القيادة السياسية، ولأن القدر المعروف لدى الناس عن شخصية الأمير الجديد إيجابي للغاية، كان التفاؤل فوري وتلقائي. ومما عزز التفاؤل بعض الإشارات التي اعتبرها الرأي العام مشجعة مثل استقبال بعض الشخصيات السياسية، وتعيين الشيخ سالم النواف المسؤول الأول عن جهاز أمن الدولة.

لكنني لاحظت أن مشاعر الاحباط بدأت تتسلل سريعا، فما هو السبب؟

السبب الأول في رأيي يتلخص في أن الناس في غاية الاستعجال لتلقي "الأخبار الطيبة"، وهو استعجال له ما يبرره حتما أخذا في الاعتبار التراكمات السلبية لسياسات العهد السابق. لكن هذا الاستعجال المبرر لا يتوافق إطلاقا مع النمط "التقليدي" المتأني لأسرة الصباح.

أما السبب الثاني فهو اختلاف "المنطلقات". فإذا كان الشعب الكويتي يتوقع قرارات تنطلق من فكرة الحاجة الملحة لـ "الإصلاح السياسي الشامل"، فإن القيادة السياسية قد لا ترى أن هناك حاجة أصلا لـ "الإصلاح"، وإنما قد تنطلق خطواتها من فكرة أن المطلوب هو إزالة "القدر الزائد" من "حمل" العهد السابق مثل تحقيق التصالح داخل أسرة الصباح، ومثل تقليص الصلاحيات الواسعة التي كانت ممنوحة لرئيس مجلس الأمة خارج نطاق اختصاصه، ومثل إشراف الديوان الأميري على المشروعات العامة ومثل بعض الأمور المتصلة بالمحاكم والفساد.

ولعله من المهم الانتباه إلى ضرورة التعامل الفوري مع عنصر اختلاف "السرعة" بين القرارات ولهفة الرأي العام للفرح والشعور بتحقق التغيير وذلك حتى نتجنب عودة الشعور العام إلى دائرة اليأس.

 

وفي تقديري الشخصي أرى أن الاختلاف في عامل "السرعة" يمكن التغلب عليه بسهولة ويسر من خلال منح الشعب دفعة إيجابية معنوية هائلة تتمثل في إصدار مرسوم بالعفو عن المحكومين في قضية "دخول المجلس" وكافة قضايا التعبير عن الرأي عموما. إن هذا العفو لا يحتاج إلى ترتيبات معقدة، وإجراءاته سهلة ميسرة، ولا يعوق إصداره سوى القرار السياسي، ولا حاجة لانتظار مناسبة كالعيد الوطني، فالعفو ذاته سيكون هو "المناسبة" لأنه إذا أتى فسيأتي تحت عنوان رفع الظلم كراية أساسية من رايات العهد الجديد.

أما عن الاختلاف في "المنطلقات"، فهو أكثر تعقيدا، والحديث فيه متشعب جدا، لكن لا جدوى من الحديث فيه الآن حتى تتبين رايات العهد الجديد!