loading ..loading
موعد مع التاريخ
16th September 2020

لسنا في حاجة إلى تحليل الحالة العامة في الدولة ولا تقصي موقف الرأي العام منها، فكل الأمور واضحة. إدارة فاشلة جدا، فساد في كل زوايا الدولة، هامش ضيق لحرية التعبير، ملاحقات سياسية بحجج قانونية، سجناء رأي، شخصيات وطنية في المنفى، تشتت اجتماعي، وأكثر من هذا وأهم بكثير.

لقد وصلنا إلى مرحلة الإخفاق التام (Total Failure)، والشعب يتذمر بشدة، وسوف يأتي ذلك اليوم الذي يخرج فيه الناس احتجاجا إلى الشارع حتما ما لم يتم تدارك الأمور.

لذلك نسأل: ما هو المطلوب والمتوقع من سمو ولي العهد نائب الأمير الشيخ نواف الأحمد؟ ما هي الخطوات التي تحتاجها البلاد فورا وبلا تردد أو تأخير؟

في تقديري الشخصي، إذا أردنا إنقاذ الكويت حقيقة، أرى أنه لابد من معالجة أصل الخلل لا مظاهره. وبعبارة أخرى، أرى أن أفضل بداية لسمو ولي العهد نائب الأمير الشيخ نواف الأحمد هي أن يبدأ من حيث انتهى المغفور له الشيخ عبدالله السالم.

كيف ذلك؟

كان الشيخ عبدالله السالم رحمه الله يثق بالشعب الكويتي أكثر، ربما، من ثقته ببعض الشيوخ. وجاء دستور 1962 معبرا عن تلك الثقة. لكن بعد وفاة الشيخ عبدالله السالم صار المجال مفتوحا كي تسود "ثقافة الشك" من قبل بعض الشيوخ تجاه الشعب. وعلى نحو تدريجي، سعى بعض الشيوخ إلى الانفراد في السلطة. وفي طريق الانفراد بالسلطة، أدركوا أنهم بحاجة إلى أعوان، فاستعانوا، في مراحل مختلفة وحتى يومنا هذا، بكل من عرض نفسه لخدمة مشروع الانفراد بالسلطة: التيار الديني، الطائفية، القبلية، العائلية والليبرالية. كما استعانوا بالمال وأغدقوا العطاء (من جيب الدولة لا من جيوبهم) لكل من يواليهم فانتشر الفساد وعم أرجاء الكويت وتنوعت أصنافه.

ومع كل ما سبق، ومع تعطيل الدستور وكارثة الغزو العراقي، ظل الشعب الكويتي يستعين بالصبر والأمل، مع بعض التذمر، وهو متمسك بالولاء المطلق لأسرة الصباح.

إلا أنه اعتبارا من عام 2009 وحتى يومنا هذا حدثت بعض الأمور التي لم نكن نتوقعها إطلاقا من أسرة الصباح: حبس ومحاكمات سياسية، سحب وإسقاط الجناسي، عبث لا مثيل له في الانتخابات.... كل هذا ليس من أجل الانفراد بالسلطة، فذاك هدف قد تحقق، لكنه كان من أجل .......!

(أصدقكم القول بأنني لا أستطيع في هذا الجزء من المقال الكتابة بحرية لأنني لا أعلم هل مازال نهج الملاحقات السياسية بذرائع قانونية ساريا أم لا).

ما أريد قوله يا سمو ولي العهد نائب الأمير هو التالي: أنت على موعد مع التاريخ، وليس عليك أن تفعل سوى ما فعله الشيخ عبدالله السالم. ضع ثقتك بالشعب وبالدستور.

إن إعادة ما تبقى من الجناسي المسحوبة، والعفو عن جميع سجناء الرأي والمهجرين، وتعديل قانون الانتخابات هي مجرد مدخل للتعبير عن الثقة بالشعب. وبعدها سوف يحمل الشعب الكويتي عنك كل عناء تأتي به مسؤولياتك الجسيمة.