loading ..loading
"خذ رقم"!
21st January 2018

يرى بعض المتابعين أن الاستجواب المقدم لوزيرة الشؤون هند الصبيح قد يكون مقدمة "تقليدية" لتغيير سياسي قادم من شأنه أن يتيح ابتعاد رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك عن منصبه وتعيين الشيخ ناصر صباح الأحمد محله. ولأنني لا أملك معلومات كافية عن هذا الاستجواب، فإنني لا أستطيع تبني رأي في هذه المسألة.

لكنني لاحظت أنه بمجرد تداول اسم الشيخ ناصر صباح الأحمد، كمرشح لدخول الوزارة الأخيرة، سرت موجة من التفاؤل في "تويتر". لا أدري إن كانت تلك الموجة تلقائية صادقة أم مصطنعة وموجهة، لكن يبدو أن في تلك الموجة آثار "عادة" التفاعل والتفاؤل لدى الشعب الكويتي المصاحبة لأي انتخابات أو تشكيل حكومي، وقد ارتبطت هذه المرة باسم الشيخ ناصر.

هذا التفاعل دفعني إلى التساؤل عن السبب. هل هو مبنى على "إعجاب" الرأي العام الكويتي بالسيرة الذاتية للشيخ ناصر الصباح مثلا؟ أم لأنه مجرد "شيخ جديد" في الحكومة؟ هل للشيخ ناصر مواقف وآراء مؤيدة لإطلاق الحريات السياسية يعرفها ويقبلها ويقدرها الرأي العام؟ أم أن تفاؤل الرأي العام بالشيخ ناصر هو مجرد انعكاس لمقدار اليأس والإحباط؟

بالنسبة لي شخصيا، وعلى خلاف ما يشاع، لا أعرف الشيخ ناصر الصباح ولا علاقة لي به إطلاقا. ولو أردت البحث عن نقطة التقاء بيننا لكانت البلاغ الذي قدمه ضدي لدى النيابة العامة في عام 2010 بصفته الشخصية، أي كأحد أفراد أسرة الصباح، وبصفته وزيرا للديوان الأميري، وهو البلاغ الذي تضمن اتهامي بارتكاب جرائم أمن دولة بسبب مقالاتي هنا، وتم حبسي بسببه. وكان هذا البلاغ، مع شكاوى شخصية قدمها الشيخ ناصر المحمد الصباح ضدي أيضا نهاية عام 2009، هي التي "دشنت" عهد الملاحقات السياسية بذرائع قانونية، وهو النهج الذي مازال قائما حتى يومنا هذا.

 ولأنني لم أشهد منه ما يخرجه من دائرة "ثقافة الشيوخ" السائدة، لم أتفاعل إيجابا مع دخول الشيخ ناصر الصباح الحكومة الجديدة. أما مشروعات "تطوير الجزر" و"طريق الحرير" فإنني أراها ليست ذات أولوية... هذا إن كان فيها جدوى أصلا.

لكن، وعلى الرغم من ذلك، فإن التعامل مع "توزير" الشيخ ناصر الصباح يجب أن يُنظر إليه من منظور مختلف. ولنطرح الأسئلة التالية:

ـ هل جاء الشيخ ناصر حتى "ياخذ رقم" في طابور الانتظار السياسي لمنصب أعلى يتم الحصول عليه "بالعمر"، أي حسب أسبقية تاريخ الميلاد؟

ـ أم أنه جاء فقط لضمان عدم حدوث "صعود مفاجئ" لأي شيخ من ذرية مبارك الصباح على حساب الأكبر سنا؟

ـ أم أنه جاء كواجهة لإجراء تغيير سياسي مستحق يطيح بالتحالفات السياسية الراهنة، وينهي حالة الخصام السياسي السائدة؟

من الصعب التكهن الآن بشأن سبب "توزير" الشيخ ناصر الصباح، لكن اعتمادا على ما أبرزه الإعلام من تصريحاته، وما دار بينه وبين عدد من النواب من حديث، نجد أن اهتمامه منصب على مسألة "المرأة والخدمة العسكرية"، ومسألة "تطوير الجزر" وما يتبعها من تغيير في المنظور الاجتماعي والشرعي "للترفيه"!

وحتى اللحظة الراهنة لم يظهر للرأي العام أن الشيخ ناصر الصباح يهتم بقيادة تغيير سياسي محلي، أو حتى محاولة طرح فكرة المصالحة الوطنية وإعادة الجناسي المسحوبة، أو على الأقل معارضة نهج الملاحقات السياسية بذرائع قانونية وإصدار قانون العفو الشامل، أو أي مشروع سياسي وطني، وهو ما يدفعنا إلى ترجيح التحليل القائل بأن "توزير" الشيخ ناصر هو مجرد "وقفة في الطابور" السياسي إلى أن يثبت العكس!

إن أمام الشيخ ناصر الصباح مسارين: إما أن يكون "حاله حال عيال عمه" الذين سبقوه والذين معه، وهو حتى الآن يسير في هذا المسار، أو تقديم نفسه كصاحب رؤية سياسية واقتصادية "جادة" لا تنحصر في الخدمة العسكرية للمرأة ولا في مشروع تطوير الجزر، فأي مسار سيختار؟!